كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



وَالرَّوْضُ وَغَيْرُهُ إنَّمَا ذَكَرُوا مَسْأَلَةَ طَلَبِ الْأُجْرَةِ فِي الْحُرِّ بَعْدَ فَرْضِهِمْ الْكَلَامَ فِي أَعَمَّ مِنْ وَلَدِهِ، وَمِلْكِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: هَذَا إلَخْ تَقْيِيدُ الْوَلَدِ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ: وَكَذَا غَيْرُهُ لَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا قَبْلَهُ أَيْضًا فَكَأَنَّهُ قَالَ: الْمُرَادُ بِالْوَلَدِ فِي قَوْلِنَا وَكَذَا غَيْرُ وَلَدِهَا وَلَدُهُ، أَوْ مِلْكُهُ، وَإِنْ كَانَ فِيمَا قَبْلَهُ عَامًّا عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: فَلَهُ أَنْ يُرْضِعَهَا مَنْ شَاءَ) غَيْرَ اللِّبَأِ الَّذِي لَا يَعِيشُ إلَّا بِهِ م ر قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا أُجْرَةَ لَهُ أَنَّ لَهُ أَخْذَ الْأُجْرَةِ، وَإِنْ وَجَبَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا تُؤْخَذُ عَلَى الْوَاجِبِ.
(قَوْلُهُ: فَلَهُ أَنْ يُرْضِعَهَا مَنْ شَاءَ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ لَبَنُهَا عَنْ وَلَدِهَا.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَخُصَّ) مُتَعَلِّقٌ بِيَضُرُّهُ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَيُجْبِرُ) بِبِنَاءِ الْفَاعِلِ مِنْ أَجْبَرَ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: إنْ شَاءَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: وَتَجُوزُ مُخَارَجَتُهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَإِلَّا إذَا كَانَ إلَى، وَلَهُ فِي الْحُرِّ وَقَوْلَهُ: بِأَنْ يُخْشَى إلَى وَعَلَيْهِ إرَاحَتُهُ وَقَوْلَهُ: وَيَضْرِبُهَا لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَلَهُ فِي الْحُرِّ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلَهُ: وَيَظْهَرُ إلَى الْمَتْنِ فِي مَوْضِعَيْنِ، وَقَوْلَهُ: وَأَيَّدَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَى قَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
(قَوْلُهُ: إلَّا عِنْدَ تَمَتُّعِهِ إلَخْ) وَإِلَّا إذَا كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا مِنْ غَيْرِهِ، أَوْ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ وَيَسْتَرْضِعُهَا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ إرْضَاعَهُ عَلَى وَالِدِهِ، أَوْ مَالِكِهِ أَسْنَى وَنِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ فِي الْحُرِّ) أَيْ: وَفِي الرَّقِيقِ الْمَمْلُوكِ لِغَيْرِهِ نِهَايَةٌ وَسَمِّ.
(قَوْلُهُ: بِهَا) الْأَوْلَى التَّذْكِيرُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ: أَوْ لِقِلَّةِ شُرْبِهِ أَوْ لِاغْتِنَائِهِ بِغَيْرِ اللَّبَنِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا غَيْرُهُ إلَخْ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: فَلَهُ أَنْ يُرْضِعَهَا إلَخْ) أَيْ: أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ إرْضَاعِهِ غَيْرَ اللِّبَأِ الَّذِي لَا يَعِيشُ إلَّا بِهِ وَيَسْتَرْضِعَهَا غَيْرَهُ نِهَايَةٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَالْوَجْهُ أَنَّ لَهُ أَخْذَ الْأُجْرَةِ وَإِنْ وَجَبَ ذَلِكَ سم وَعِ ش.
(قَوْلُهُ: مَنْ شَاءَ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ لَبَنُهَا عَنْ وَلَدِهَا. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: عَلَى بَعْضِهِ) أَيْ: وَالِدِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ) أَيْ: الْفَطْمُ الْوَلَدَ بِأَنْ اكْتَفَى بِغَيْرِ لَبَنِهَا. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَضُرَّهَا) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَمْ يَضُرَّهَا أَيْضًا. اهـ.
وَهِيَ أَحْسَنُ وَإِنْ كَانَ أَوْ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تُفِيدُ الْعُمُومَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَضُرَّهَا ذَلِكَ) قَدْ يُسْتَشْكَلُ تَصْوِيرُ ضَرَرِهَا إذْ غَايَةُ مَا يُتَخَيَّلُ حُصُولُهُ حَبْسِ اللَّبَنِ، وَيُمْكِنُ إخْرَاجُهُ بِغَيْرِ الرَّضَاعِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ وَلَك أَنْ تَقُولَ إنَّ تَكَلُّفَ الْإِخْرَاجِ بِغَيْرِ الرَّضَاعِ كَافٍ فِي الضَّرَرِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَضُرَّهُ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ: وَلَمْ يَضُرَّهُ أَيْضًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَاقْتَصَرَ فِي كُلٍّ إلَخْ) وَقَدْ يَتَقَابَلُ الضَّرَرُ إنْ بَانَ كَأَنْ فَطَمَهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ يَضُرُّهُ، وَإِرْضَاعُهُ حِينَئِذٍ يَضُرُّهَا، وَلَعَلَّ حُكْمَهُ أَنَّ الْأَبَ يَجِبُ عَلَيْهِ إرْضَاعُهُ لِغَيْرِهَا إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَى الْأُمِّ بَلْ يُفْطَمُ وَإِنْ لَحِقَهُ الضَّرَرُ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: مَا زِدْته فِيهِمَا) أَيْ: قَوْلِهِ أَوْ يَضُرَّهَا فِي الْأَوَّلِ، وَقَوْلِهِ: أَوْ يَضُرَّهُ فِي الثَّانِي.
(قَوْلُهُ: بِأَحَدِ هَذَيْنِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ مَعَ ع ش بِإِرْضَاعٍ أَيْ: بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ، وَلَا فِطَامَ أَيْ: قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ، أَوْ بَعْدَهُمَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ أَنْ يَلْحَقَ إلَخْ) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: الْآتِي وَيَظْهَرُ أَنَّ غَيْرَهُمَا إلَخْ فَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: أُجِيبَ طَالِبُ الْأَصْلَحِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَصْلَحَ بِأَنْ اسْتَوَيَا أُجِيبَ طَالِبُ الرَّضَاعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ أَيْ: وَنَبَّهَ عَلَيْهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي: وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِقَوْلِهِمْ: بَلْ إطْلَاقُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَضُرَّهَا) فِيهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ مِنْ إشْكَالِ التَّصْوِيرِ وَأَيْضًا فَالْفَرْضُ رِضَاهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفْرَضَ أَنَّهُ ضَرَرٌ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا فِعْلُهُ وَإِنْ رَضِيَتْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ وَتَقَدَّمَ جَوَابُ الْإِشْكَالِ الْأَوَّلِ، وَيُؤَيِّدُ الْإِشْكَالَ الثَّانِيَ سُكُوتُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عَمَّا زَادَهُ الشَّارِحُ هُنَا.
(قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِاتِّفَاقِهِمَا، وَعَدَمِ الضَّرَرِ بِالطِّفْلِ فَإِنْ ضَرَّهُ فَلَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِذَلِكَ) أَيْ: بِعَدَمِ ضَرَرِهِ سَيِّدُ عُمَرَ وَكُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِضَعْفِ خِلْقَتِهِ) أَيْ: لَا يَجْتَزِئُ بِغَيْرِ الرَّضَاعِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِشِدَّةِ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ) فَيَجِبُ عَلَى الْأَبِ إرْضَاعُهُ فِي ذَلِكَ الْفَصْلِ فَإِنَّ فِطَامَهُ فِيهِ يُفْضِي إلَى الْإِضْرَارِ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ تَمَامِهِمَا أَيْ: الْحَوْلَيْنِ فِي فَصْلٍ مُعْتَدِلٍ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَتُجْبَرُ الْأُمُّ إلَخْ) أَيْ: إنْ لَمْ يَضُرَّهَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا ضَرَرَ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا يُوهِمُهُ الْكَلَامُ السَّابِقُ مِنْ اسْتِوَاءِ الْأَمْرَيْنِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يُسَنُّ عَدَمُهَا) أَيْ: الزِّيَادَةِ اقْتِصَارًا عَلَى الْوَارِدِ. اهـ. ع ش.
أَيْ: وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهَا كَأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
(وَلَا يُكَلِّفُ رَقِيقَهُ)، أَوْ بَهِيمَتَهُ (إلَّا عَمَلًا يُطِيقُهُ) أَيْ: لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ إلَّا عَمَلًا يُطِيقُ دَوَامَهُ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يُطِيقُهُ يَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً، ثُمَّ يَعْجِزُ نَعَمْ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ الْأَعْمَالَ الشَّاقَّةَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ حَيْثُ لَمْ تَضُرَّهُ بِأَنْ يُخْشَى مِنْهُ مَحْذُورُ تَيَمُّمٍ فِيمَا يَظْهَرُ، وَيُحْتَمَلُ الضَّبْطُ بِمَا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يُخْشَ مِنْهُ ذَلِكَ الْمَحْذُورُ وَعَلَيْهِ إرَاحَتُهُ وَقْتَ قَيْلُولَةِ الصَّيْفِ، وَفِي غَيْرِ وَقْتِ الِاسْتِعْمَالِ بِاعْتِبَارِ عَادَةِ الْبَلَدِ وَظَاهِرٌ عَلَيْهِ وُجُوبُ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلدَّوَامِ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ جَوَازِ تَكْلِيفِهِ الْمُشِقِّ لَا عَلَى الدَّوَامِ وَأَفْتَى الْقَاضِي بِأَنَّهُ إذَا كَلَّفَهُ مَا لَا يُطِيقُهُ بِيعَ عَلَيْهِ، وَأَيَّدَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِبَيْعِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ صِيَانَةً لَهُ عَنْ الذُّلِّ وَبِمَا أَفْتَى بِهِ أَيْضًا مِنْ بَيْعِ أَمَةٍ عَلَى مُغَنِّيَةٍ تَرُومُ حَمْلَهَا عَلَى الْفَسَادِ وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِمَا إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِخَلَاصِهِ بِأَنْ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ تَكْلِيفِهِ ذَلِكَ إلَّا بِهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَلَا يُكَلِّفُ رَقِيقَهُ إلَّا عَمَلًا يُطِيقُهُ) وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الْمَمْلُوكُ لِمَالِكِهِ: رَبِّي بَلْ يَقُولُ: سَيِّدِي وَمَوْلَايَ، وَأَنْ يَقُولَ السَّيِّدُ: عَبْدِي وَأَمَتِي بَلْ يَقُولُ: غُلَامِي وَجَارِيَتِي، أَوْ فَتَايَ وَفَتَاتِي، وَلَا كَرَاهَةَ فِي إضَافَةِ رَبٍّ إلَى غَيْرِ الْمُتَكَلِّمِ كَرَبِّ الدَّارِ، وَرَبِّ الْغَنَمِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْفَاسِقِ، أَوْ الْمُتَّهَمِ فِي دِينِهِ: يَا سَيِّدِي م ر ش.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يُخْشَى إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِتَضَرُّرِهِ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ الضَّبْطُ بِمَا لَا يُحْتَمَلُ إلَخْ) وَلَعَلَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ أَقْرَبُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ رَغِبَ الْعَبْدُ فِي الْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَدْخَلَ الضَّرَرَ عَلَى نَفْسِهِ. اهـ. ع ش.
وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى ضَرَرٍ لَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، وَإِلَّا فَفِعْلُ ضَرَرِ مُبِيحِ التَّيَمُّمِ حَرَامٌ كَمَا مَرَّ عَنْ السَّيِّدِ عُمَرَ آنِفًا أَيْ: فَيَجِبُ مَنْعُهُ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ إرَاحَتُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ: وَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ فِي تَكْلِيفِ رَقِيقِهِ مَا يُطِيقُهُ اتِّبَاعُ الْعَادَةِ فَيُرِيحُهُ فِي وَقْتِ الْقَيْلُولَةِ: وَهِيَ النَّوْمُ فِي وَسَطِ الْيَوْمِ وَفِي وَقْتِ الِاسْتِمْتَاعِ إنْ كَانَ لَهُ امْرَأَةٌ، وَمِنْ الْعَمَلِ طَرَفَيْ النَّهَارِ، وَمِنْ الْعَمَلِ إمَّا فِي اللَّيْلِ إنْ اسْتَعْمَلَهُ نَهَارًا وَفِي النَّهَارِ إنْ اسْتَعْمَلَهُ لَيْلًا وَإِنْ سَافَرَ بِهِ أَرْكَبَهُ وَقْتًا فَوَقْتًا عَلَى الْعَادَةِ، وَإِنْ اعْتَادَ السَّادَةُ الْخِدْمَةَ مِنْ الْأَرِقَّاءِ نَهَارًا مَعَ طَرَفَيْ اللَّيْلِ لِطُولِهِ اُتُّبِعَتْ عَادَتُهُمْ، وَيَجِبُ عَلَى الرَّقِيقِ بَذْلُ الْمَجْهُودِ، وَتَرْكُ الْكَسَلِ فِي الْخِدْمَةِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الْمَمْلُوكُ لِمَالِكِهِ: رَبِّي بَلْ يَقُولُ: سَيِّدِي، أَوْ مَوْلَايَ، وَأَنْ يَقُولَ السَّيِّدُ لَهُ: عَبْدِي، أَوْ أَمَتِي بَلْ يَقُولُ: غُلَامِي، أَوْ جَارِيَتِي، أَوْ فَتَايَ، أَوْ فَتَاتِي، وَلَا كَرَاهَةَ فِي إضَافَةِ رَبٍّ إلَى غَيْرِ الْمُكَلَّفِ كَرَبِّ الدَّارِ، وَرَبِّ الْغَنَمِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ لِلْفَاسِقِ وَالْمُتَّهَمِ فِي دِينِهِ: يَا سَيِّدِي. اهـ.
قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: إلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ أَمَّا الْمُكَلَّفُ يَعْنِي: مَنْ شَأْنُهُ التَّكْلِيفُ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا فَيُكْرَهُ إضَافَةُ رَبٍّ إلَيْهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرٌ عَلَيْهِ) أَيْ: لَفْظِهِ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ: وَعَلَيْهِ إرَاحَتُهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَأَفْتَى الْقَاضِي إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَوْ كَلَّفَ رَقِيقَهُ مَا لَا يُطِيقُهُ، أَوْ حَمَلَ أَمَتَهُ عَلَى الْفَسَادِ أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا فِي خَلَاصِهِ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ.
(وَتَجُوزُ مُخَارَجَتُهُ) أَيْ: الْقِنِّ كَمَا ثَبَتَ عَنْ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ بَلْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَلْفُ مَمْلُوكٍ يُخَارِجُهُمْ، وَيَتَصَدَّقُ بِجَمِيعِ خَرَاجِهِمْ وَصَحَّ: «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَى أَبَا طَيْبَةَ لَمَّا حَجَمَهُ صَاعَيْنِ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ» (بِشَرْطِ) كَوْنِ الْقِنِّ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقُدْرَتِهِ عَلَى كَسْبٍ مُبَاحٍ، وَفَضْلِهِ عَنْ مُؤْنَتِهِ إنْ جُعِلَتْ فِيهِ وَمَا فَضَلَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَالْحُرِّ وَيُشْتَرَطُ (رِضَاهُمَا) فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا إجْبَارُ الْآخَرِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ كَالْكِتَابَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَلْزَمُ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْكِتَابَةَ تُؤَدِّي إلَى الْعِتْقِ فَأَلْزَمْنَاهَا مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ لِئَلَّا تَبْطُلَ فَائِدَتُهَا بِخِلَافِ الْمُخَارَجَةِ لَا تُؤَدِّي لَهُ فَلَمْ يَحْتَجْ لِإِلْزَامِهَا مِنْ جِهَتِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَوْنِهَا عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ أَنَّهُ لَابُدَّ فِيهَا مِنْ صِيغَةٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَأَنَّ صَرِيحَهَا خَارَجْتُك وَمَا اُشْتُقَّ مِنْهُ، وَأَنَّ كِنَايَتَهَا بَاذَلْتُك عَنْ كَسْبِك بِكَذَا وَنَحْوُهُ وَبَحَثَ أَنَّ لِلْوَلِيِّ مُخَارَجَةَ قِنِّ مَحْجُورِهِ إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فِيهَا تَبَرُّعًا وَإِنْ كَانَتْ بِأَضْعَافِ قِيمَتِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهُ اللَّهُمَّ إلَّا إذَا انْحَصَرَ صَلَاحُهُ فِيهَا وَتَعَذَّرَ بَيْعُهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ أَوَاخِرَ الْحَجْرِ مِنْ بَيْعِ مَا لَهُ بِدُونِ ثَمَنِ مِثْلِهِ لِلضَّرُورَةِ.
(وَهِيَ) أَيْ: الْمُخَارَجَةُ (خَرَاجٌ) مَعْلُومٌ أَيْ: ضَرَبَهُ عَلَيْهِ (يُؤَدِّيهِ) إلَى سَيِّدِهِ مِنْ كَسْبِهِ (كُلَّ يَوْمٍ، أَوْ أُسْبُوعٍ) أَوْ شَهْرٍ مَثَلًا.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَتَجُوزُ الْمُخَارَجَةُ).
تَنْبِيهٌ:
لَوْ خَارَجَهُ، ثُمَّ كَاتَبَهُ فَهَلْ تَبْطُلُ الْمُخَارَجَةُ لِضَعْفِهَا بِتَوَقُّفِهَا عَلَى الرِّضَا وَجَوَازِهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَقُوَّةِ الْكِتَابَةِ بِلُزُومِهَا مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُ مَالِ غَيْرِ الْكِتَابَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ يُتَّجَهُ الْبُطْلَانُ، أَوْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِلْحُكْمِ بِبُطْلَانِهَا؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ يَسْتَقِلُّ وَيَمْلِكُ أَكْسَابَهُ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ دَفْعِ مَالِ الْمُخَارَجَةِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا، وَالِامْتِنَاعُ رُجُوعٌ عَنْهَا، وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَخْذُ زَائِدٍ عَلَى مَالِ الْكِتَابَةِ لِاسْتِقْلَالِ الْمُكَاتَبِ، وَمِلْكِهِ مَا بِيَدِهِ فَإِنْ تَبَرَّعَ الْمُكَاتَبُ بِدَفْعِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ جَازَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ الْمُخَارَجَةُ بِشَرْطِ رِضَاهُمَا) وَلَوْ خَارَجَهُ عَلَى مَا لَمْ يَحْتَمِلْهُ لَمْ يَجُزْ، وَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِعَدَمِ مُعَاوَضَتِهِ م ر ش وَأَقُولُ: قَدْ لَا يُحْتَاجُ لِذَلِكَ مَعَ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يُجْبِرُ الْآخَرَ.
(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا انْحَصَرَ إلَخْ) كَذَا م ر ش.